رسومات على ريش الطيور 195814.png

samedi 25 juin 2016

التفاعل الثقافي أداة تواصل لا تصادم

رغم التحدّيات التي يواجهها المجتمع البشري و رغم الصراع الشّرس الذي يطبع العلاقات بين الدّول إلاّ أنّه لا بديل عن الحوار  و التّواصل لغاية التعايش السّلمي أوّلا والتّلاقح الفكري الإيجابي ثانيا 
فمن المسلّم به أنّ التواصل بين الثّقافات المختلفة قناة إنسانية عريقة اتّخذت أشكالا متنوّعة لإغناء بعضها البعض و السير بها نحو الأفضل دون التّغافل عن خصوصية  كلّ ثقافة ذلك أنّ التقاء الثقافات و تحاورها يعدّ معلما من معالم التّاريخ الحضاري للإنسانية وهو بعد كلّ ذلك قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنّبه في عصر ميّزته ثورة الاتّصالات    و ساده مفهوم العولمة . يبقى السّؤال المحيّر هو : كيف السّبيل إلى مدّ جسور التّواصل و محاربة التّقوقع حول الأنا الضيّقة التي ترفض إسقاط الحواجز التي تحول دون الانفتاح على الآخر ؟ كيف السبيل إلى تحقيق تلاقح ثقافي يخصب العقول ويزكّي النفوس ويشيع المحبّة ويلغي الصّراع ؟ كيف السبيل إلى تواصل ينآى بنا عن التصادم ويحارب التّشكيك  في فوائد التنوّع ويدعو إلى نبذ لغة الهيمنة و الإملاء؟ هل من سبيل إلى تفاعل واع مثمر بعيد عن الانبهار المذلّ والتّعالي المقيت ؟
لمّا كان التواصل بين الثقافات حقيقة انسانية متأصّلة في التاريخ ولمّا صارت العولمة ظاهرة مميزة لوجودنا فإنّ التقارب بين الشعوب وانفتاحها على بعضها البعض قد يفرز نرجسية وتعصّبا ايدولوجيا وتزمّتا فكريا وانغلاقا على الذّات و يصبح التّباين بين خطاب التلاقح الثقافي و التّواصل الفكري و بين الواقع المهتزّ المكرّس للعنف و التطرّف و المثير للأحقاد و الخوف والملوّح بخطر الهيمنة و الذّوبان  يشكّل أهمّ الانشغالات التي تحير عقول المثقّفين على وجه الخصوص .
وحتى نتجنّب الانزلاق في " الشوفينية" الثقافية و التعصّب الدّيني و الهيمنة الاقتصادية صار من أوكد الواجبات إرساء ثقافة السّلام الحاضنة للحوارالجادّ بين الأطراف المتكافئة الهادف إلى تحديد مسارالبناء المشترك و كيفية التصرّف العقلانيّ الحكيم لتجاوز التوتّرات والأزمات ولامتصاص أشكال العنف و التطرّف .بمثل ذلك الحوار يمكننا أن نتجاوز اشكالية الرغبة والامتناع الاقدام و الاحجام فنحن في واقع الأمر موزعين بين الرغبة الصّادقة في التّمدّن و التّطوّر والرفض القاطع للأخذ عمّن قطعوا أشواطا في ذلك و كأنّنا بذلك نؤكّد بعلم أو بغير علم على أننا أمّة الانفتاح على الكون بما فيه لكنّنا نشكّك في قيم سوانا ونتّهم غيرنا ونقدح في منتوجه بعبارة أخرى ننظر إلى غيرنا من خلال مرآة مكسورة لا تنقل إلينا إلاّ تشوّهات كما لوكان الآخر مرادفا "للشيطان" .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire