رسومات على ريش الطيور 195814.png

dimanche 10 mai 2020

سوريا الحبيبة ..و بعد

      
   تذكر سوريا اليوم فتدمع العين حبّا و يعتصر القلب حزنا ، و يذكر السّوريون اليوم فيحتار العقل لمواقفهم و يألم الوجدان لمصائرهم . سوريا الحبيبة يمزّقها الخلاف و يقسو عليها أبناؤها قبل أعدائها يظلمونها في وضح النّهار ، و" ظلم ذوي    القربى أشدّ مضاضة "
          سوريا البعث تبعث في الملاحظ الصّديق حسرة كبيرة وألما شديدا و سوريا الصّمود زعزعت أركانها انتفاضة الرّافضين لقوّة عربية في منطقة شعارها الانبطاح طريق السلامة سوريا بردى تجاذبتها الأهواء فترنّح شعبها بين مطرقة سلطة تدافع عن مشروعيّتها و سندان ثائرين حرّكتهم حقوق طال انتظارها و لم تتحقّق ومطامع أيقظتها في صدورهم فتاوى الجهاد . ما رقّ صبا بردى و ما أنطفأت نيران النّزاع تلحس الأرض و تلعق الأجساد . وما خفّت الدقّات تطرق بابا عنيدا موصدا ضرّجته الدّماء و لمّا يفتح . وما خرست أفواه البنادق تمزّق سكون اللّيل برصاصها ، وما خرست أفواه السّوريين تردّد قول ابن المعرّة " تعب كلّها الحياة "وتتعزّى بقول ابن النيل : "ودمع لا يكفكف يا دمشق " .
        مدّ و جزر و تجاذبات لا نهاية لها بين سلطة موروثة ترى القضيّة مؤامرة حبكت خيوطها أطراف أجنبيّة - و ليس في الرّأي بعد عن الصّواب-  لا يرضيها أن يشعّ هلال الصمود يجسّمه تحالف العلويين في دمشق مع شيعة طهران و مقاومة لبنان فيعطّل مشاريع غرب يسعى لبناء شرق أوسطيّ جديد يحقّق به الأمن لابن العمّ سام( بالتبنّي) المدلّل . و بين حركات شعبيّة تداخلت فيها التوجّهات و اختلفت المرجعيّات و تضاربت مصالحها و توضّحت ولاءاتها ولكنّها تسعى جميعا لإنهاء نظام عمّر و لم ينفع و روّج ولم يقنع نظام قام على الإقصاء و منع الحلبة على غير المنتمين لبعث لم يتخلّص بعد من قذى العين والحال أنّ على رأسه الطبيب ، بعث لم تظهر بشائر بشّاره و لم يثمر غرسه وقد مرّت على انبعاثه العقود . نظام أنشب فيه الأسد أظافره  فاستقام له الوضع و اطمأن لفريسته و قد أفردها حتى إذا ناداه المنادي قدّمها لشبل ظنّ كثيرون أنّ نباهته ستنسي المقهورين مشاهد حماه الخربة و قد استباحتها آلات الدمار بإذن من الأب تلقّن المنشقّين عن الصفوف درسا ميدانيا في الثبات على الرّأي في الوطنيّة الصادقة التي تحبّ الخير للبلاد و العباد !. و لكنّ طبيب العيون أخطأ الهدف فتصوّر أنّ استرجاع الجولان يبدأمن حمص و بالذّات من حي "بابا عمرو"أعوزته الرّؤية الثّاقبة الاستباقيّة و الحال أنّ العالم من حوله يشهد رجّة قويّة لم تتحمّلها عروش كثيرة ظنّ أصحابها أنّها قادرة علة الصّمود لا تحرّكها الأحداث أطلق للشبيحة   العنان حتى قال القائل عنهم :

 –
 الـشبيحة – هم اداة , كـ البندقية او المسدس , و لكن من يقتلنا به , هو النظام و جهازه الامني و السياسي , و طبقة التجار الممولة , و  الموالون , و الصامتون , و المتكاسلون , هؤلاء كلهم , يشتركون في الذنب و الجريمة , و قد اثبتت الستة اشهر الماضية , بأن – الشبيح –  لا يمكن ان يفهم او يَعي , هو حيوان مُدرب على القتل , نعم اذاقونا الويل , و لكن قضيتنا ليست معهم , قضيتنا مع من ارسلهم و دربهم , و دعمهم و غذاهم و شارك و أيَد , و حربنا الطائفية هي ضد الطائفة الاسدية , و طائفة التجار الممولين , و طائفة السياسيين غير المنشقين , و خاصةً من هم في الخارج , و ضد الطائفة الكبرى من السوريين المؤيدين , ان هؤلاء هم القذارة بذاتها , فـ رغم كل ما جرى و يجري من قتل و ويلات , تجدهم ينادون دون خجل , بقصف الطيران , او سحق حماه و باب سباع و الجامع العمري , عن بكرة ابيهم , لكي تعود حياتهم لطبيعتها !!


        قد يكون الأمر أكثر تعقيدا ممّا يظنّ بعضهم ، فما يذهب إليه المنادون بالحماية الدّوليّة لا ينبغي أن يفوتهم أنّ الغرب ما حمى أبدا و التّاريخ يشهد على ما أقول و القائلون بتسليح المعارضة إنّما يعملون على انهاك الشّعب السّوري وعلى مزيد إراقة الدماء بشكل أكثر فظاعة و إجراما فالقضيّة لا ينبغي أن تخوض فيها أفواه المدافع وإنّما عقول الحكماء . لأنّ الثورات التي اندلعت هنا و هناك ولم توجّهها حكمة متبصّرة أفرزت واقعا لم يكن أكثر الناس تفاؤلا  يتصوّر لحظة أنّه المأمول ، وتمخّضت عن ضرب من السلطان لا يتناغم البتّة مه سيرورة التّاريخ . هي ثورات شعوب سئمت الاستبداد السّياسيّ و كرهت الأنظمة العسكريّة و البوليسيّة ،  ثورات شعوب لم تجد نخبها حظّها بعلمها الذي حصّلت و بعملها إن قدّر لها العمل ، ولم تنعم عامّتها بهناء العيش نهارا و عميق الرّقاد ليلا . ولم تتوقّع أنّ حالها سيزداد سوء بعد ثورتها لأنّ من خلف لم يكن إلاّ من السلف ، المستقبل في نظره هو الماضي و الماضي عنده هو النموذج الأعلى على نهجه يسير و بحكمته يستنير . لم تتوقّع جموع الثّائرين أنّهم سيستجيرون من الرمضاء بالنار حين يستبدلون الحليق بالملتحي و إن استعمل كلاهما ربطة العنق وادّعى أنّ الخلاص لا يكون إلاّ على يديه .
      ليست بثورة يسير فيها الثّائرون إلى الوراء ، و ليست بثورة ينبش فيها المسؤولون ماضيا بحثا عن أدوات عمل يقهرون بها تأخّر حاضرهم و ينيرون بها ظلمة مستقبلهم ...
ليست بثورة تلك التي لا تستهدف الفساد بالوسائل المناسبة تطلبها في عدالة انتقالية و احترام كامل للحقوق و دعم كلّي لحرّية الرأي و إقرار بالمسؤوليّة في القول و العمل إنّ التجارب الحاصلة في أكثر من بلد عربيّ عرف الثورة لا تجعلنا نطمئنّ الاطمئنان كلّه إلى تكرارها بنفس الشكل و بنفس الدّعم الخارجيّ ، و إن كنّا نعتقد أنّ التّغيير حتميّة تفرضها حاجة الإنسان إلى الكرامة المغيّبة و العزّةالمنشودة .حاجته إلى الغد الأفضل .فالثورة البنّاءة لا يأتمر صنّاعها بأوامر الأعداء وإن نطقوا الضّاد والأحرار لا يتنكّرون للمبادئ فالحرّة تجوع ولا تأكل بثدييها والوطنيّ غيور على تراب الحمى يأبى أن تدوسه أقدام مرتزقة لعبت بعقولهم ألسنة دعاة الدين منهم براء.





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire