رسومات على ريش الطيور 195814.png

lundi 16 avril 2018

محور الفنون السنة التاسعة أساسي "لا للرّداءة في الفنون"

        ساء فهم الكثيرين للفنون فاعتبروها أقصر طريق و أسهلها لبلوغ شهرة هي الزّيف عينه وثراء هو السّراب حقّا  وهكذا حادوا بالفن ّ عن أهدافه السامية ونزلوا به من عليائه  و شاركهم في الإثم اولئك الذين أقبلوا على القنوات الغنائية الرخيصة  يستهلكون بضاعة رديئة و يحسبون أنّهم يواكبون التمدّن و يسايرون الحداثة ويعبرون عن حسّ شبابيّ ينضح حيوية و حبّا للحياة .
       إنّ الانسياق وراء هذا التيّار الجارف سينتهي بأصحابه إلى ما لا يرضي عاقلا و لا يسعد لبيبا فالاستمرار في تقليد النماذج الرّديئة لايرفع شأنا ولا يخلّد ذكرا . قد يتذرّع البعض ممّن استهوتهم تلك القنوات المغرية بأنّهم أبناء عصرهم و أنّ الإعراض عمّا تبثّه القنوات المختصّة من " كليبات" هو ضرب من الانغلاق و التعصّب و الرّجعية التي تشدّ المرء إلى الوراء شدّا فلا يعيش عصره ولا يقبل على لذائذ العيش يتذوّقها و ينتشي برحيقها..
       قد يحتجّ اولئك بعشق الجمال ويقولون : كيف نغمض العيون عن كلّ ساحر جميل ؟ و كيف نصمّ الآذان عن كلّ رقيق و رخيم ؟ وما العيش إن خلا من الطرب و الغناء تردّده غيد حسان ينشرن الفرح حيث غنّين ويسعدن برشاقتهنّ و خفّتهنّ كل مهموم ضيّق صدره مشوّش فكره عصف به التأزّم و أحاط به القلق ..
قد يحتجّون بتعدّد القنوات  المختصّة في بثّ الأغاني المصوّرة ويرون في ذلك دليلا على رواج ما تبثّه على مدار السّاعة و اليوم فمؤشّر المتابعة في نظرهم يدعم القول بأهمية هذا الفنّ الشبابيّ الجامع بين رشاقة القوام وروعة الرّقص و خفّة الحركة  وسلامة الذّوق إنّ الاحتجاج بالباطل لإدحاض الحق دليل انحراف عن الجادة . وإنّ التعلّق بالمظهرتعلقا يلهي صاحبه عن المخبر علامة اغترار فالفنّ ليس سبيلا إلى لذّة مادّية ووقوعا في شرك الإغراء .
      ما من شكّ في أنّ الموسيقى و الغناء من الفنون التي تؤثّث حياة البشر و غير البشر وأنّ فيهما نفعا كبيرا ولكنّ النماذج التي يقبل عليها بعضهم هي من سقط المتاع فلا الكلمات هادفة تحمل رسالة ولا الألحان راقية تشنّف الأسماع ولا الأداء يبتعد عن الإثارة والإغراء ولا المظهر يوحي بالرزانة و الوقار ..إنّها باختصار نماذج هابطة يعتمد فيها العراء و التبرّج وعرض المفاتن ولا يقصد منها إلا استرقاق المتابع و إرضاء كبته لا غير .. أمّا عن الرسالة التي ترجى من الفنون عامّة فلا أثر لها لا أثر لثقافة ترقى بالذائقة و تزكّي النفس و لا أثر لثقافة تسلّط عليها الأضواء و تهيّأ لها المسارح وتخصّص لها الاعلانات  وتنفق من أجلها الأوقات و الأموال . كل ما في الأمر تهريج و عبثية تسير بشبابنا نحو عدمية حقيقية إنّ أسوأ ما يتجرّعه المرء هو قبول الرّداءة بصدر رحب و الدفاع عنها بكلّ الأساليب .فهل قدّر علينا أن ننحدر بهذا الشكل الفظيع وأن تجرفنا موجة النشاز بعد أن سحبت من تحت أرجلنا بساط  توازننا وثباتنا فنتنكّر لذواتنا و قيمنا و نردّد أغاني بلا شكل ولا مضمون ولا طعم ولا رائحة تتماهى معها نفوس تحرّكها الغرائزو تعبث بها الأهواء ؟ أيّ نهاية ينتظرها اولئك الذين جعلوا الفنون وسائل تدمير لا بناء وأدوات خراب لا إعمار ..ليحذروا فإن الداء إن لم يستأصل نخر الجسد و ذهب بسلامته . 
         

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire